بقعة ضوءسياسة

اتفاقية دمج “قسد” وجيش الجولاني تترنح: رفضتها تركيا

خاص – أحوال ميديا

في تطور يُعتبر نقطة تحول في المشهد السوري، إذ أعلنت القيادة الكردية في الشمال عن اتفاق مع دمشق لدمج قوات سوريا الديمقراطية “قسد” كفصيل مع جيش “الجولاني”، في خطوة قد تفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الأطراف السورية الرئيسية، لكنها تواجه عقبة تركية كبيرة تهدد بإفشالها.

وفي حديثه الأخير كشف القائد العام لـ”قسد”، مظلوم عبدي، أن الطرفين قد توصلا إلى “آلية” لدمج القوات الكردية في الجيش السوري كوحدات عسكرية متماسكة، مع الاحتفاظ بهيكليتها التنظيمية، وسيشمل الدمج عشرات الآلاف من المقاتلين بالإضافة إلى قوات الأمن الداخلي.

وأشار عبدي إلى أن “العناصر والقادة المنضمين سيحصلون على مناصب مناسبة في وزارة الدفاع وقيادة الجيش، مستندين إلى خبرتهم العسكرية الغنية التي اكتسبوها خلال قيادة المعارك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.

يأتي هذا الاتفاق بعد أشهر من الجمود في محادثات مارس الماضي، التي أعقبت التغيّرات السياسية الكبيرة في دمشق بعد سقوط نظام الأسد.

وقد ساهمت أحداث العنف الطائفي في بعض المناطق، حسب عبدي، في تأخير تنفيذ الاتفاق السابق.

 

المعضلة التركية: رفض مصيري واستراتيجي

تواجه أنقرة هذا الاتفاق بقلق بالغ، ولدى تركيا حساسية مفرطة تجاه أي موضوع له علاقة بالأكرد، ويمكن تلخيصها بالنقاط التالية:

  • مخاوف وجودية: تعتقد تركيا أن “قسد” لن تكتفي بالحكم الذاتي المحلي، بل ستسعى نحو نظام فيدرالي أو كونفدرالي يمنحها صلاحيات أوسع، ما يهدد الوحدة الترابية لسوريا ويؤثر على الأمن القومي التركي.
  • ضغوط مكثفة على واشنطن: تُوظف أنقرة كامل ثقلها الدبلوماسي لإقناع الولايات المتحدة بوقف هذا الدمج، مستخدمة ورقة العلاقات الاستراتيجية وحلف الناتو.
  • عزلة إقليمية متزايدة: تجد تركيا نفسها في موقف صعب بعد تراجع نفوذ الإسلام السياسي في المنطقة، من الأردن إلى مصر، وخروج إيران من سوريا، مما يجعلها الحلقة الضعيفة في المعادلة الإقليمية.

 

وتشير المعطيات إلى:

  • عودة موسكو القوية: تعود روسيا إلى الواجهة السورية عبر تفاهمات مع واشنطن وتل أبيب تهدف لاحتواء النفوذ التركي الذي يُعتبر – حسب هذا التصور – المساهم الرئيسي في استمرار الحرب الطائفية التي أودت بحياة مئات الآلاف على مدى 15 عاماً.
  • تغيير الأولويات الأمريكية: يبدو أن واشنطن تفضل الآن خريطة طريق تقضي على مشروع الإسلام السياسي، بعد أن تسبب – من وجهة نظرها – في عدم الاستقرار الإقليمي والمجازر بحق الأقليات في سوريا.

 

إلى جانب التحدي التركي، تبقى عقبات داخلية عديدة قائمة، أبرزها:

  • الخلاف الجوهري حول نموذج الحكم بين الرؤية اللامركزية المتقدمة لـ”قسد” والنموذج المركزي التقليدي لدمشق.
  • ضرورة بناء الثقة بين الأطراف بعد سنوات من الحرب والاشتباكات المتقطعة التي غذّاها الصراع الطائفي.
  • صعوبة تحقيق توازن بين المكاسب الكردية والهواجس التركية المشروطة.

 

يشكل هذا الاتفاق محكاً حاسماً لإرادة الأطراف السورية والدولية، حيث يمكن أن يمهد الطريق لتسوية شاملة تضع حداً لأحد أكثر الملفات تعقيداً في الأزمة السورية، أو يفتح الباب أمام مواجهات جديدة تعيد المنطقة إلى مربع الصراع المسلح، في وقت لم تعد فيه تركيا قادرة على فرض رغباتها كما في السابق

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى